انواع المسؤولية :
هناك عدة تقسيمات لمصطلح المسؤولية تختلف باختلاف الميادين التي تم توظيفها فيها وتبعا لذلك فهي تتخد اكثر من دلالة لغوية تتباين بحسب الاوصاف التي تم الحاقها بها الا انه يمكن اختزال هذه الاطلاقات جميعا في النوعين الآتيين :المسؤولية الاخلاقية :
وهذا النوع من المسؤولية لا علاقة له بميدان التعامل المدني الذي يولد جزاءات مدنية او جنائية فالمسؤولية الادبية تنبني في اصلها على مجرد الاخلال بالواجبات ذات الطابع المعنوي التي تربط الشخص بمقتضاها بمجموعة من القيم الاخلاقية في اطار حياته الخاصة او العامة واذا حصل منه خطأ او مساس بجوهر هذه القيم فان الجزاء لا يعدو ان يكون مجرد تأنيب للضمير او استنكار للفعل من قبل عامة الناس والمعلوم ان دائرة المسائل الخلقية تعد اوسمع من دائرة الواجبات القانونية لعدم اقتصارها على سلوكيات الفرد نحو غيره من الافراد وانما تشمل روابط الفرد بخالـقـه ايضا وبالتالي فان اغلب حالات المسؤولية الادبية ليس لها مظهر خارجي كما هو الشأن بالنسبة للمسؤوليات القانونية .المسؤولية المدنية والمسؤولية الجنائية :
وخلافا للمسؤولية الاخلاقية فان المسؤولية القانونية هي التي تكون معززة بجزاءات مدنية او جنائية فالقانون هو الذي يتولى ضبط حالات هذه المسؤولية وكذا الجزاءات المترتبة عنها .
التعريف بالمسؤوليتين المدنية والجنائية :
مفهوم المسؤولية الجنائية تعني تحمل الشخص لتبعات افعاله الجنائية المجرمة بمقتضى نص في القانون كالقتل والسرقة وخيانة الامانة او الاختلاس مثلا وانطلاقا من هذا المعنى فان المسؤولية الجنائية ترتبط ارتباطا وثيقا بالعقاب ولا تنفصل عنه ونظرا لخطورة الافعال الجنائية ومساسها بالنظام العام فان العقوبات التي حددها المشرع لذلك غالبا ما تكون صارمة تتراوح بين الغرامات الزجرية والعقوبات السالبة للحرية قد تصل الى حد الاعدام في بعض الحالات الخاصة .وعلى عكس المسؤولية الجنائية التي تترتب على ارتكاب المجرم لافعال محظورة تضر بالمجتمع فان المسؤولية المدنية لها نطاق ضيق اذ انها تهدف الى حماية مصلحة خاصة يملك المضرور امكانيات واسعة للتنازل عن حقه في التعويض كلا او جزءا لا فرق في ذلك بين ان يكون الضرر ناتجا عن الاخلال بالتزام عقدي او التزام تقصيري فالمسؤولية المدنية اذن تعني الزام المسؤول باداء التعويض للطرف المضرور في الحالات التي تتوافر فيها شروط هذه المسؤولية فهي لا تحمل معنى الردع الذي تنطوي عليه المسؤولية الجنائية وانما تفيد معنى جبر الضرر الذي تسبب فيه الشخص المسؤول .
عناصر التفرقة بين المسؤوليتين المدنية والجنائية :
بالرغم من ارتباط المسؤوليتين المدنية والجنائية بمجموعة من الاحكام المشتركة بعضها يتعلق بشروط تتحق هاتين المسؤوليتين والبعض الاخر يتعلق بالاثار القانونية المترتبة عنها الا ان ذلك لا يحول دون ابراز نقاط الاختلاف التي تميز بين هذين النوعين من المسؤولية والتي نجملها في ما يلي : .تنشأ المسؤولية الجنائية عن اقتراف المجرم للافعال المحظورة بمقتضى فصول القانون الجنائي اذ ان المبدأ هو أنه لا جريمة ولا عقوبة الا بنص اما بخصوص المسؤولية المدنية فانها تترتب عن الاخلال بالالتزامات والواجبات التي يفرضها مبدأ التعايش الاجتماعي سواء كان منصوصا عليها في بنود قانونية او كانت مستخلصة من المبادئ العامة التي تحتم احترام حقوق الغير وعدم الاضرار بها كالغلو في استعمال الحق وتجاوز حقوق الجوار .
باعتبار ان الدعوى الجنائية تقوم على انتهاك المجرم للحق العام لذلك فانه لا يحق للطرف المضرور ان يتنازل عن مقتضيات الدعوى العمومية بمحض اختياره لانها ليست ملكا له انما هي حق خالص للمجتمع الذي تمثله النيابة العامة وعلى العكس من ذلك فان للمضرور كامل الحرية في التنازل عن مطالبه المدنية لتعلق ذلك بمصلحته الشخصية لا فرق في ذلك بين التنازل الحاصل قبل المحاكمة او الذي يحدث بعدها .
نظرا لخطورة الافعال الجنائية فان الجزاء المترتب عنها يتمثل في مجموعة من العقوبات الصارمة كالسجن والمصادرة والغرامات والذعائر التي تأخد طابع زجري ام عن الجزاء المدني فهو ينحصر في التعويض الذي تراه المحكمة مناسبا لجبر الضرر الذي احدثه الشخص المسؤول .
يمكن للدعوى المتعلقة بالمطالب المدنية ان تكون تابعة للدعوى العمومية وليس العكس فاذا نتج عن الفعل الواحد دعويان احداهما جنائية والاخرى مدنية كالضرب والجرح الذي يتسبب في الحاق عاهة بالمضرور فان هذا الاخيرة له الحق في رفع دعوى المطالب المدنية الى المحكمة الزجرية وذلك في شكل دعوى مدنية تابعة للدعوى العمومية كما انه له الخيار في رفعها بطريقة مستقلة الى المحكمة المدنية .
الا ان العادة جرت على تحريك دعوى المطالب المدنية امام المحكمة الجنائية لما يملكه هذا القضاء من امكانيات سريعة لفض النزاع الا ان الذي يتعين لفت الانتباه اليه هو ان الدعوى المدنية التابعة لرفع الدعوى العمومية تخضع في شكلياتها واجراءاتها لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية دون سواها وهذا ما اكده المجلس الاعلى في القرار الصادر عنه بتاريخ 1977/4/15 والذي ورد فيه بان الدعوى المدنية المعروضة على محكمة زجرية بحكم تبعيتها لدعوى عمومية لا تخضع الا لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية دون سواها .