مفهوم وطبيعة التسيير الحر للاصل التجاري :
عرف الاجتهاد الفقهي التسيير الحر للأصل التجاري بأنه :
" عقد بمقتضاه يتخلى المالك للغير لمدة معينة عن حق استغلال الاصل التجاري ، مع احتفاظه بملكيته مقابل احتفاظ الغير بمنافع استغلاله وتحمله التكاليف الناجمعة عن الاستغلال مع الزامه بأداء مبلغ ثابت للمالك .
وقد بينت المادة 152 من مدونة التجارة ، طبيعة العقد الذي يجمع بين مالك الاصل التجاري ومستغله اي المسير الحر ، وحددته في عقد الكراء الكلي او الجزئي للأصل التجاري . غير انه هذا العقد ليس كراء عاديا كما معروف في قواعد الالتزامات والعقود وانما عقد ذو طبيعة خاصة ، لذلك هو لا يخضع سوى للأحكام الخاصة التي نصت عليها مدونة التجارة حتى بالرغم من اتفاق الاطراف على شروط مخالفة . وعليه فان عقد التسيير الحر يخضع في انشائه وانتهائه للنشر في الجريدة الرسمية وفي جريدة اخرى مخول لها نشر الاعلانات القانونية .
اما عن صفة المسير الحر للأصل التجاري ، فان المادة 135 أكدت بأنه يكتسب صفة تاجر ، ويخضع لجميع الالتزامات التي تخول هذه الصفة .
آثار عقد التسيير الحر :
ينتج عن عقد التسيير الحر للأصل التجاري ، آثار في مواجهة طرفيه وأخرى في مواجهة الغير ، اي الدائنين .
أولا : اثار العقد بالنسبة لطرفيه :
يتميز عقد التسيير الحر عن عقد الكراء اي منقول اخر بكونه يرتب اثارا اساسية في طرفي العقد .
بالنسبة لمالك الاصل التجاري
يلتزم المالك التجاري بالامتناع عن اي تصرف يعرقل استغلال الاصل التجاري الذي تخلى عنه بموجب العقد لفائدة المسير مما يحول دون الانتفاع به وهذه التصرفات نذكر على الخصوص أعمال المنافسة غير المشروعة .
بالنسبة للمسير الحر :
بلتزم المسير الحر بدوره بالمحافظة على عناصر الاصل التجاري التي يستغلها ، وعليه يمنع من اتيان اي عمل او تصرف من شأنه ان يضر بتلك العناصر أو يؤدي الى النقص من قيمتها ، ومن ضمن هذه التصرفات :
التخلي عن ادارة الاصل التجاري لأن التسيير الحر يقوم على الاعتبار الشخصي ، وبالتالي فهو لا ينتقل من المسير الهالك الى ورثثه
التخلي عن ملكيته او رهنه حتى ولو لبعض عناصره لأن بيع ملك الغير لا يصح طبقا للقواعد العامة الا بموافقة المالك . وأن من شروط الرهن أن يكون الرهن أن يكون الراهن مالكا للمرهون .
وبالاضافة الى ما ذكر يلتزم المسير طبعا بأداء المبلغ المتفق عليه كمقابل للكراء ، علاوة على تحمل اعباء استغلال الاصل التجاري . وعند انتهاء العقد بلتزم برد الاصل التجاري الى مالكه .
اثار العقد بالنسبة للغير :
لم يتردد المشرع في حماية دائني المكري من أي اثر سلبي لعقد التسيير الحر ، فاجاز للمحكمة التي يوجد الاصل التجاري بدائرة نفوذها ان تصرح بحلول اجل الديون التي التزم بها المالك من أجل استغلال الاصل محل الكراء ، وعلى الدائنين المتضررين رفع الطلب داخل اجل ثلاثة اشهر من تاريخ نشر العقد ، والا تم رفض طلبهم .
و لمزيد من الحماية قرر المشرع جعل المكري مسؤولا بالتضامن مع المسير عن الديون المترتبة عن استغلال الاصل من طرف المسير الى حين نشر عقد التسيير ، بل ومدد المسؤولية الى ما بعد ستة اشهر من تاريخ النشر .
ومن مقتضيات الحماية ايضا ان بطلان عقد التسييرلعدم توفره على احدى الشروط القانونيىة لا يجوز الدفع به في مواجهة الغير اي الدائنين طبقا للمادة 158 من مدونة التجارة وانما يظل أثره بين الطرفين فقط .
انتهاء عقد التسيير الحر .
بنتهي عقد التسيير الحر بانتهاء المدة المتفق عليها في العقد وبما ان هذا العقد لا يخضع لظهير 24 ماي 1955 فان المالك لا يجبر على تجديد العقد وبالتالي لا يلزم بالتعويض عن رفضه للتجديد لان المسير الحر ليس طرفا في عقد الكراء بين مالك الاصل التجاري ومكري المحل التجاري ومن نتائج ذلك ان المسير الحر لا يتأثر بشرط عدم الكراء من الباطن الذي يدرج في عقد كراء العقار لانه يعتبر مكتريا للأصل التجاري بكل عناصر بما فيه اللحق في الكراء لذلك فهو يستغل هذا الاصل في المحل الكتري لقاء وجيبة كرائية دون ان يكون ذلك كراء من الباطن حتى ولو تولى المسير أداءها لمالك العقار مباشرة بناء على اتفاق مع المكتري .
يجب ان يخضع انتهاء عقد التسيير الحر لاجراءات النشر التي يخضع لها ابرامه .
ويترتب عن انتهاء عقد التسيير ، جعل الديون المتعلقة باستغلال الأصل والتي ابرمها المسير خلال مدة التسيير مستحقة الاداء فورا ،بمعنى تصبح حالة . وفي حالة انتهاء العقد بالبطلان ، فان هذا الاخير لا يحتج به ضد الغير ، اي الدائنين طبقا للمادة 158 من مدونة التجارة .
واخيرا فان انتهاء عقد التسيير الحر بدون تجديد ، يجعل المسير ملزما برد الاصل التجاري الى مالكه وهذه مسألة بديهية لانه عبارة عن عقد منفعة لا عقد ملكية بموجبه يتخلى المالك عن حق استغلال الاصل التجاري مع احتفاظه بملكيته .