المصطفى لحسيني
باحث و مهتم بشأن التشريعي .
تعتبر مسألة الحماية القانونية للمرأة خاصية
وطنية تجد سندها في الثقافة الإسلامية بحيت لا يمكن أن ننكر ما أولته الشريعة
الإسلامية من عدالة بين الجنسين وحماية بمختلف تلاوينها وتسمياتها سواء كانت جسدية
مادية او معنوية واقتصادية.
مما لا شك فيه أن التشريع الإسلامي رفعَ شأن المرأة
وحَسَّنَ حالها، وقد جاء الإســلام فــي تشريعــاته
المتعلقــة بالمــرأة بما يصونها ويحفظ كرامتها في كل شأنها، وليس التحقير لها
والحجر عليها تغليباً لجنس الرجل.
لكن بدأت بوادر معانات المرأة مع ظهور
التشريع الوضعي وفرض الحماية على المغرب كما هو معلوم على أنه من المستحيل ان نجد
قانونا كاملا لا يعتريه نقصان ولا يشوبه غموض وبه يولد النص التشريعي ناقصا ويتطور
بتطبيقه وبه تكون الحقوق معرضة لضياع والانتهاك.
وبعد هذه المقدمة التي كان لابد منها
يجب ان نمر على تطور الترسانة التشريعية في هذا المجال في السنوات الأخيرة وذلك بدءا
من فشل مدونة الأحوال الشخصية ودخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ التي أبانت على جرأة
المشرع في تحيين مجموعة من المؤسسات، ومرورا بمدونة الشغل، وانتهاءا بقانون العمال
المنزليين، حيث حاول المشرع المغربي ملاءمة قوانينه الوطنية مع الاتفاقيات
والمعاهدات الدولية التي وقع عليها وخاصة “اتفاقية مناهضة العنف ضد المرأة” أو ما يعرف باتفاقية “سيداو“، و”اتفاقيات حقوق الطفل“.و العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية
والثقافية .
جاء المغرب من جديد وأكد عزمه ووفاءه بإلتزاماته الدولية من خلال مضاعفة جهوده للنهوض بأوضاع النساء على الخصوص، فقد
شكل الدستور الأخير للمملكة المغربية المؤرخ سنة 2011 خطوة كبيرة في اتجاه تعزيز
حقوق المرأة في جميع المجالات، وقد أصبح من نافلة القول أن دستور 2011 شكل منعطفا
تاريخيا ليس فيما يتعلق فقط بفتح أفاق جديدة في مسلسل التغيير الديمقراطي، بل أيضا
في تسليط الضوء أكثر على الملفات الإجتماعية الشائكة ومن بينها ملف النهوض بحقوق
الإنسان عموما وبقضايا النساء خصوصا. وذلك من خلال
العديد من النصوص أرى أكثرها أهمية الفصول 14 و 15و19 ....
وفي نفس السياق يأتي المشرع المغربي
هذا الأسبوع بقانون رقم 13-103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء والذي جاء نتيجة
شراكة بين وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، ووزارة العدل
والحريات. حاول من خلاله أن يقارب ظاهرة العنف ضد المرأة بمختلف أشكاله وألوانه.
وعليه فهل استطاع المشرع المغربي أن
يعالج هذه الظاهرة من مختلف جوانبها؟
وإلى أي حد استجاب نص القانون لتطلعات
الحركة النسائية وكل المهتمين بقضية المرأة؟
أسئلة وغيرها سنحاول ملامستها من خلال تحليل
مضامين نصوص هدا القانون كتالي :
لابد من الوقوف عند هيكلة القانون
103-13 الذي جاء مشكلا من ستة أبواب.
أفرد الباب الأول في المادة الأولى تعريف العنف ضد المرأة، ونص على أنه كل فعل أساسه التمييز بسبب الجنس، يترتب عليه ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي، أو اقتصادي للمرأة ثم عرف كل العنف الجنسي والنفسي والجسدي والاقتصادي .
أفرد الباب الأول في المادة الأولى تعريف العنف ضد المرأة، ونص على أنه كل فعل أساسه التمييز بسبب الجنس، يترتب عليه ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي، أو اقتصادي للمرأة ثم عرف كل العنف الجنسي والنفسي والجسدي والاقتصادي .
بينما استعرض الباب الثاني مجموعة من المقتضيات الزجرية التي رامت تغيير أو تتميم بعض مقتضيات القانون الجنائي، وأخرى أضافت إلى نصوص القانون المذكور فصول جديدة.
ومن أهم ما ورد في المقتضيات التي غيرت وتممت نصوص القانون الجنائي مايلي:
– المادة 2 من المشروع عدلت الفصل 404 من القانون الجنائي بحيث سوى بين العنف ضد المرأة البين أو المعلوم حملها، والعنف ضد الأصول، ونفس الأمر بالنسبة للطليق الذي يتم تعنيفه أمام أحد الأولاد أو الأبويين.
وقام
المشرع من خلال قانون 103.13 إعادة النظر في صياغته للفصل 431 من ق ج، المتعلق
بالامتناع عن تقديم مساعدة لشخص في خطر حيث خفض الحد الأقصى للعقوبة إلى سنتين بدل
خمس سنوات، وأضاف فقرة أخرى ضاعف فيها العقوبة إذا كان الجاني زوجا، أو أحد الأصول
أو أحد الفروع، أو كافلا، أو شخصا له ولاية أو سلطة على الضحية أو مكلفا برعايتها،
أو إذا كان الضحية قاصرا، وكذا في حالة العود.
– في حين شمل القانون 103.13 المطرود من بيت الزوجية ، سواء كان زوجا أو محضونا، بالحماية المنصوص عليها في الفصل 481 من ق ج وهذا شيء جيد.
وبالوقوف عند المادة 4 من القانون
103.13 التي عدلت عدلت الفصل 61 و 407 من ق ج و أضافت تدابير وقائية شخصية المنصوص
عليها في الفصل 61 تدبيرين آخرين هما:
منع المحكوم عليه من الاتصال بالضحية،
وإخضاع المحكوم عليه لعلاج نفسي ملائم .
كما ضاعفت العقوبة المنصوص عليها في
الفصل 407 المتعلق بالمساعدة على الانتحار إذا ارتكبت الجريمة ضد قاصر، أو من طرف
أحد الزوجين في حق الزوج الآخر،أو من طرف أحد الفروع، أو أحد الأصول أو الكافل أو
شخص له ولاية أو سلطة على الضحية أو مكلف برعايتها.
– أما المادة 5 من القانون فقد أضافت نصوص أخرى إلى مجموعة القانون الجنائي يتمثل أهمها فيما يلي:
– أما المادة 5 من القانون فقد أضافت نصوص أخرى إلى مجموعة القانون الجنائي يتمثل أهمها فيما يلي:
– الفصل 1-88: بمقتضاه خول المشرع للمحكمة في حالة الادانة من أجل التحرش أو الاعتداء أو الاستغلال الجنسي أو سوء المعاملة أو العنف ضد المرأة أو القاصرين، الحكم بمنع المحكوم عليه من الاتصال من الضحية او الاقتراب من مكان تواجدها أو التواصل معها بأية وسيلة، لمدة لا تتجاوز خمس سنوات ابتداءا من تاريخ انتهاء العقوبة المحكوم بها عليه، أو من تاريخ صدور المقرر القضائي، كما يمكنه إخضاع المحكوم عليه لعلاج نفسي ملائم. كما جوزت المادة 3-88 للنيابة العامة او قاضي التحقيق في حالة المتابعة من أجل نفس الجرائم الأمر بمنع الشخص المتابع من الاتصال بالضحية أو الاقتراب من مكان تواجدها، أو التواصل معها بأية وسيلة إلى حين بث المحكمة في القضية.
– الفصل 1-429 ضاعف العقوبة المنصوص عليها في الفصول المنظمة لجريمة التهديد إذا كان مرتكب الجريمة احد الزوجين ضد الزوج الآخر أو أحد الأصول أو الفروع،…
– الفصل1- 436 من ق ج: تشديد عقوبة
الاختطاف أو الاحتجاز إذا ارتكب من قبل أحد الزوجين أو....… أو مكلفا برعايته أو
إذا تعرض الضحية لعنف آخر كيفما كان نوعه. ورفعها إلى السجن من 10 إلى 20 سنة في
الحالة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من الفصل 463، وإلى السجن من 20 إلى 30 سنة
في الحالة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من نفس الفصل.
– الفصل 1-444 و 2-444 ضاعفا العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من الفصلين اذا ارتكب السب أو القذف ضد امرأة بسبب جنسها.
– الفصل 1-448: عاقب بالحبس من 6 أشهر إلى ثلات سنوات وغرامة من 2000 إلى 20000 درهم كل من قام عمدا، وبأي وسيلة بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية، بالتقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري، دون موافقة أصحابها. كما عاقب بنفس العقوبة بتثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص أثناء تواجده في مكان خاص، دون موافقته
.
– الفصل 1-480: جرم الطرد من بيت الزوجية أو الامتناع عن إرجاع الزوج المطرود .
– الفصل 1-480: جرم الطرد من بيت الزوجية أو الامتناع عن إرجاع الزوج المطرود .
– الفصل 1-481: نص على أن تنازل المشتكي يضع حدا للمتابعة و لآثار المقرر القضائي المكتسب لقوة الشيء المقضي به في حالة صدوره.
الفصل1-1-503: جرم التحرش الجنسي المرتكب في الفضاءات العمومية بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية، أو بواسطة رسائل مكتوبة أو إلكترونية أو تسجيلات أو صور ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية. وعاقب على هذه الأفعال بالحبس من شهر واحد إلى 6 أشهر وغرامة من 2000 إلى 10000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، في حين ضاعف العقوبة اذا كان الجاني زميلا في العمل أو من الأشخاص المكلفين بحفظ النظام والأمن في الفضاءات العمومية أو غيرها.
– الفصل 2- 1- 503: بدوره قام بتشديد العقوبة ورفعها إلى الحبس من ثلاث إلى خمس سنوات وغرامة من 5000 إلى 50000 درهم في حالة تم التحرش الجنسي من قبل أحد الأصول او المحارم أو من قبل شخص له ولاية أو سلطة على الضحية أو كافلا له، أو كان الضحية قاصرا.
– الفصل 1-2-503: جرم الإكراه على الزواج باستعمال العنف أو التهديد وعاقبه بالحبس من 6 أشهر إلى سنة وغرامة من 10000 درهم إلى 30000 درهم او بإحدى هاتين العقوبيتن.
بينما ضاعف العقوبة إذا تم الإكراه على الزواج باستعمال العنف والتهديد ضد امرأة بسبب جنسها أو ضد قاصر. وقيد المتابعة بتقديم شكاية من الشخص المتضرر من الجريمة، كما جعل من التنازل على الشكاية سببا يحد من المتابعة ومن آثار المقرر القضائي المكتسب لقوة الشيء المقضي به في حالة صدوره
.
الفصل 1-526: جرم تبديد أحد الزوجين لأمواله أو تفويتها بسوء نية وبقصد الإضرار بالزوج الآخر أو الأبناء أو التحايل على مقتضيات مدونة الأسرة. وقيد المتابعة بتقديم شكاية.
في حين تطرق الباب الثالث إلى التعديلات التي همت قانون المسطرة الجنائية، وهكذا أضافت المادة 6 من قانون 103.13 فقرة إضافية إلى المادة 302 من قانون المسطرة الجنائية، نصت بموجبها على أنه إذا تعلق الأمر بقضية عنف أو اعتداء جنسي ضد امرأة أو قاصر يمكن للمحكمة بطلب من الضحية أن تعقد جلسة سرية.
الفصل 1-526: جرم تبديد أحد الزوجين لأمواله أو تفويتها بسوء نية وبقصد الإضرار بالزوج الآخر أو الأبناء أو التحايل على مقتضيات مدونة الأسرة. وقيد المتابعة بتقديم شكاية.
في حين تطرق الباب الثالث إلى التعديلات التي همت قانون المسطرة الجنائية، وهكذا أضافت المادة 6 من قانون 103.13 فقرة إضافية إلى المادة 302 من قانون المسطرة الجنائية، نصت بموجبها على أنه إذا تعلق الأمر بقضية عنف أو اعتداء جنسي ضد امرأة أو قاصر يمكن للمحكمة بطلب من الضحية أن تعقد جلسة سرية.
كما أضافت المادة 7 من القانون فقرة إضافية إلى المادة 7 من ق.م.ج مكنت بموجبها الجمعيات التي تعنى بقضايا مناهضة العنف ضد النساء حسب قانونها الأساسي من الانتصاب كطرف مدني بعد الحصول على إذن كتابي من الضحية.
و أضافت المادة 8 من القانون المادة 1-5-82 إلى قانون المسطرة الجنائية التي خولت بموجبها لوكيل الملك أو الوكيل العام للملك أو قاضي التحقيق كل فيما يخصه إتخاذ مجموعة من التدابير الحمائية في قضايا العنف ضد النساء.
وفي الباب الرابع أحدث المشرع خلايا ولجان مشتركة بين القطاعات تتكفل بالنساء ضحايا العنف، تحدث بالمحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف، وبالمصالح المركزية والخارجية للقطاعات الحكومية المكلفة بالصحة بالشباب وبالمرأة، وكذا بالمديرية العامة للأمن الوطني والقيادة العليا للدرك الملكي. وتتكون هذه الخلايا من لجنة وطنية ولجان جهوية ولجان محلية. ونظم هيكلة هذه اللجان في المواد 11،13،15. وتطرق إلى مهامها في المواد 12،14،16.
وأفرد المشرع الباب الخامس للتدابير والمبادرات للوقاية من العنف
وأخيرا نص المشرع في الباب الأخير على
دخول هذا القانون حيز التفيذ بعد ستة أشهر من نشره بالجريدة الرسمية.
الأقسام:
مقالات